اسطنبول: انطلاق أعمال القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي بشأن القدس
14/12/2017 01:54 م
انطلقت، صباح اليوم الأربعاء، أعمال القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي، التي دعت إليها تركيا، لبحث تداعيات القرار الأميركي بشأن القدس، بمشاركة 57 دولة إسلامية.
وافتتح القمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بصفته الرئيس الدوري لمنظمة المؤتمر الإسلامي، بقوله: "نجتمع اليوم من أجل تناول الانتهاكات التي تطال الوضع التاريخي والقانوني لمدينة القدس أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، بعد إعلان الرئيس ترامب.
وأضاف: هذا القرار ضرب بعرض الحائط جميع المعاهدات، والقانون الدولي، وانتهك قرار "476" الذي يمنع أن تنقل أي دولة سفارتها الى القدس، ولا يمكن ان يكون له اعتبار، طالما هذه المدينة تحت الاحتلال، وكل من يتجول في أزقتها يدرك أنها تحت الاحتلال.
وتابع: الممارسات الإسرائيلية تكشف أن إسرائيل هي دولة الاحتلال، والإرهاب، باعتقال أطفال بعمر العشر سنوات، ويزجون بها في أقفاص حديدية، كما أوضح من خلال شاشة العرض طفلا يعتقله العشرات من الجنود، وهو معصوب العينين، بجانب آخر يتعرض للضرب هو ووالدته، بينما تحاول حمايته.
كما تطرق إلى ممارسات الاحتلال من اعتقال، وقتل، واستيلاء على الأرض، وأعمال الهدم، مؤكدا أن كل من يتصف بالإنسانية عليه أن يرفض الممارسات الإسرائيلية، وقرار ترامب كافأ إسرائيل على ممارساتها، وهي الدولة الوحيدة التي دعمت القرار غير الشرعي، بينما رفضه قادة الدول.
وعرض الرئيس التركي خريطة لفلسطين التاريخية في العام 1947، وبين أن مساحة أراضي إسرائيل في تلك الفترة هي مساحة دولة فلسطين اليوم، وهذا مؤسف جدا، وهذا التقسيم الظالم لا يصدر حتى من ذئب تجاه حمل.
وأشار الى أنه اتصل مع المجتمع الدولي لرفض القرار، لافتا إلى أن 196 دولة عضوا في الأمم المتحدة ستبدي موقفا معارضا للقرار، قائلا: قد تكون أميركا قوية، وتمتلك أسلحة، ولديها 16 رأسا نوويا، لكن القوة تكمن في الأحقية.
وتابع: الولايات المتحدة وقفت بهذا القرار الى جانب من لا يريد السلام، قد شجعت المتطرفين على التحرك، وفتح القرار الباب على مصرعيه أمام المنظمات الإرهابية في غياب حل عادل في المنطقة، وأن مثل هذه الممارسات تهدد الثقة بالقانون الدولي، مشيرا إلى أن قرار ترامب شكل ضربة قاسية على حضارتنا، وانتهاكا للقانون الدولي، فالقدس مدينة خدمناها، نحن واجدادنا، دون تفريق بين الأديان.
ولفت إلى ايمانه أن السلام في المنطقة سيكون بجهود أناس عادلين، وصادقين، مخاطبا الدول المتمسكة بالقانون الدولي الاعتراف بفلسطين، وعاصمتها القدس واحقاق الحق، داعيا الشعوب لزيارة القدس والحرم والدفاع عن القدس.
وأكد أن القدس خط أحمر بالنسبة لنا، والحرم الشريف وقبة الصخرة هي أرض أبدية للمسلمين، مشددا على ضرورة الإسراع في انضمام دولة فلسطين الى المنظمات الدولية، بالإضافة الى ضرورة ابداء موقف وإرادة قوية بهذا الخصوص.
وأكد موقفه الثابت بالتعاون مع الملك عبد الله الثاني ضد الحملات العنصرية، مؤكدا أن الدفاع عن القدس أصبح ضروريا، مطالبا الدول الإسلامية بتسخير قدراتها المعنوية والمادية من اجل القدس.
وطالب اميركا بالتراجع عن القرار الذي وصفه بالاستفزازي، مؤكدا أن أميركا فقدت بهذا القرار صفة الوسيط في عملية السلام.
من جانبه، أكد رئيس دولة فلسطين محمود عباس، في كلمته، أن القدس كانت، ولا زالت، وستظل إلى الأبد، عاصمة دولة فلسطين، التي لا سلام ولا استقرار دون أن تكون كذلك.
وقال سيادته، في كلمته في مؤتمر القمة الإسلامية الطارئة المنعقدة في مدينة اسطنبول التركية اليوم الأربعاء، إن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بأن القدس عاصمة إسرائيل، وتعليماته بنقل سفارة بلاده إليها، انتهاك صارخ للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة وخاصة قرارات مجلس الأمن، واستفزاز للمجتمع الدولي.
وأكد رفض القرارات الأميركية الأحادية وغير الشرعية والباطلة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة بذلك قد اختارت أن تفقد أهليتها كوسيط، وأن لا يكون لها دور في العملية السياسية.
وقال الرئيس إن هذه الخطوات الأحادية للرئيس ترمب، لن تعطي أية شرعية لإسرائيل في القدس، فهي مدينة فلسطينية عربية إسلامية مسيحية، عاصمة دولة فلسطين الأبدية، ولا يمكن أن تكون هناك دولة فلسطينية دون أن تكون مدينة القدس عاصمة لها، بل ولن يكون هناك سلام في المنطقة وفي العالم دون ذلك.
وأضاف سيادته: إن عدم محاسبة إسرائيل، عندما اجتاحت أرضنا وطردت شعبنا ومحت أكثر من 400 قرية وبلدة فلسطينية عن الوجود، بل وخرقت جميع القرارات الدولية منذ العام 1948، جعلها تعتقد أنها فوق القانون.
وقال إن استمرار إسرائيل بانتهاكاتها وممارساتها الاستعمارية وخاصة في القدس، يجعلنا في حل من الاتفاقيات الموقعة معها، حيث لا يمكننا أن نبقى سلطة بدون سلطة، وتحت احتلال بلا كلفة، وهو ما يدعونا إلى إعادة تقييم الموقف من خلال أطرنا الفلسطينية والمشاورات مع الأشقاء والأصدقاء، من أجل التعامل مع حكومة دولة فلسطين التي ستقوم بمهامها كبديل عن السلطة الوطنية الفلسطينية.
ودعا الرئيس إلى تحديد علاقات الدول الأعضاء لمنظمة التعاون الإسلامي بدول العالم على ضوء مواقفها وردود أفعالها من قضية القدس، وبالتحديد من هذه الخطوة الأميركية.
وطالب دول العالم بمراجعة اعترافها بدولة إسرائيل ما دامت تصر على مخالفة قواعد القانون الدولي، وخرق جميع القرارات الدولية منذ إنشائها في العام 1948.
ودعا سيادته إلى التوجه بمشاريع قرارات لمجلس الأمن، ولكل مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بهدف إبطال ما اتخذته الولايات المتحدة من قرارات بشأن القدس، وفق المادة 27/3 من البند السادس لميثاق الأمم المتحدة، واعتماداً على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وطالب بدعم مساعي دولة فلسطين في الانضمام لجميع المنظمات والمعاهدات الدولية باعتبارها حقاً طبيعياً لها، وبهدف تثبيت وجود دولة فلسطين في النظام الدولي. ودعا إلى تكثيف الجهود من أجل نيل دولة فلسطين عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة.
وشدد رئيس دولة فلسطين على أن تعزيز صمود أهلنا في القدس يتطلب دعم الدول الإسلامية بكل الوسائل المادية والمعنوية.
وتابع سيادته: إن اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل لن يمر، بعد ما رأيناه من دول العالم بوقوفها ضد هذا القرار الظالم. إن فلسطين ستنصر وستنتهي الظلم الذي وقع عليها، وعلى العرب والمسلمين والمسحيين والأحرار في كل أنحاء العالم.
وقال: إن الوعد الذي قدمه ترامب للحركة الصهيونية، وكأنه يهدي مدينة من المدن الأميركية، فهو الذي قرر، ونفذ، وفعل، والعالم أجمع ولأول مرة في التاريخ، يقف وقفة واحدة من الشرق والغرب ضد قرار ترامب، وحتى تلك الدول التي تعودت الوقوف إلى جانب أميركا، مثل كندا وبريطانيا وأستراليا.
وأوضح: وعد بلفور المشؤوم الذي قدمته بريطانيا للحركة الصهيونية في نوفمبر عام 1917، لم تكن حينها بريطانيا موجودة في الشرق الأوسط، ولم يكن لها أي مسؤوليات على هذه البلاد، ومع ذلك تطوعت وقدمت أرض فلسطين للحركة الصهيونية بشراكة أساسية من الولايات المتحدة الأميركية، وكانت أميركا تتابع هذا الوعد خطوة بخطوة، حتى تم تنفيذه بعد الانتداب ومن خلال الأمم المتحدة.
وللحقيقة، فإن بريطانيا اتخذت موقفاً مغايراً لموقفها من وعد بلفور، لكن هذا لن يعفيها من الاعتذار وتقديم تعويضات لدولة فلسطين.
العاهل الأردني: التهديد الذي يحدق بمدينة القدس خطير جدا
من ناحيته، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، أن هناك تحديات جساما تواجه العالم الاسلامي، حيث إن التهديد الذي يحدق بمدينة القدس مسرى نبينا محمد عليه السلام خطير جدا.
وأوضح أن ما يشهده العالم من حولنا من انتشار العنف والتطرف، ما هو إلا نتيجة لغياب حل عادل للقضية الفلسطينية، وما ترتب عليه من ظلم، وإحباط، مضيفا "ان المتطرفين اتخذوا من هذا الواقع المرير عنوانا لتبرير العنف والارهاب الذي يهدد الأمن، والاستقرار بالعالم أجمع".
وأشار العاهل الأردني إلى أن المنطقة لا يمكن أن تنعم بالسلام، إلا من خلال إيجاد حل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وفقا لقرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية، ووصولا الى قيام الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطيني، وعاصمتها القدس الشريف، كونها الأساس الذي لا بديل عنه لإنهاء الصراع التاريخي.
ووصف العاهل الأردني قرار ترامب الأخير الذي أعلن من خلاله القدس عاصمة لإسرائيل "بالخطير"، مؤكدا أن انعكاساته تهدد الأمن والاستقرار، ويحبط الجهود لاستئناف عملية السلام.
وقال: "لطالما حذرنا من اتخاذ قرارات احادية الجانب بشأن مدينة القدس، ولا يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في الحرية، والدولة المستقلة، وعاصتها القدس الشرقية، كما أن محاولات تهويد القدس وتغيير هويتها العربية والاسلامية والمسيحية سيفجر مزيدا من العنف والتطرف، فالمدينة مقدسة عند أتباع الديانات السماوية الثلاث".
وتابع "إن الوصايا الهاشمية على المقدسات في القدس مسؤولية تاريخية تشرف الأردن"، مشيرا إلى أن بلاده ستواصل دورها في التصدي لأي تغيير في الوضع التاريخي القائم في المسجد الأقصى، ومطالبا في الوقت ذاته بضرورة العمل لحماية المقدسات الاسلامية والمسيحية على حد سواء.
وقال، "إن الفلسطينيين يستحقون دعمنا ليتمكنوا من الصمود، للوصول الى حل عادل وشامل يرفع الظلم التاريخي عنهم، ويلبي حقهم في دولتهم"، موضحا أن القمة العربية التي جرت في الأردن أكدت أن خطورة ما نواجهه من تحديات في منطقتنا يستدعي عملا جديا، وجماعيا، لحماية مصالحنا العربية والإسلامية، كما أنه يحتاج إلى تجاوز كل خلافاتنا، وتوحيد جهودنا لحماية القدس، وحماية أمننا، وحق شعوبنا بالعيش بأمن وسلام، مشددا على أن القدس هي أولى القلبتين، وهي في وجدان كل المسلمين المسيحيين، وحقهم فيها أبدي خالد.
الأمين العام للمنظمة: القرار يشكل استفزازا لمشاعر المسلمين والمسيحيين في العالم
بدوره، قال الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي يوسف بن أحمد العثيمين، "إن المنظمة ترفض القرار الأميركي بشأن القدس، لما يشكله هذا من انتهاك لسيادة القانون الدولي، وزعزعة لمنظومة العلاقات الدولية، ومخالفة لميثاق الأمم المتحدة، والقرارات الأممية ذات الصلة، كما يجسد خروجًا عن الإجماع الدولي بشأن المكانة السياسية، والقانونية، والتاريخية لمدينة القدس، الأمر الذي يقوض دور الولايات المتحدة كراع لعملية السلام.
وأكد أن القرار يشكل استفزازًا لمشاعر المسلمين، والمسيحيين في العالم، كون مدينة القدس المكانة المركزية للأمة الاسلامية، وتشكل جزءا لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية، كما أن الموقف المنحاز ضد مدينة القدس يمنح دعاة العنف مصوغا لمزيد من التطرف، ويؤسس لحالة من الفوضى، وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم.
وأضاف، "يتزامن هذا القرار مع استمرار سياسة الاستيطان الاستعماري في الأرض الفلسطينية، خاصة في القدس المحتلة، اضافة إلى تصاعد وتيرة الاعتداءات الاسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، التي كان آخرها ما تعرض له المسجد الاقصى المبارك منذ أشهر، من اقتحام، واغلاق لبواباته، والذي مثل اعتداء صارخا واستفزازا لمشاعر المسلمين في كل أنحاء العالم".
وطالب مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه ضمان احترام وتنفيذ القرارات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ومدينة القدس، بضرورة تحرك عربي وإسلامي مشترك على الصعيدين الدولي والاقليمي، وتسخير كافة الوسائل الدبلوماسية المتاحة لمواجهة هذه الاجراءات، والتصدي للقرار الأميركي الأحادي، الذي أعلنت رفضه معظم دول العالم.
كما طالب دول العالم التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، بأن تبادر بالاعتراف بها، داعيا الدول الأعضاء إلى مضاعفة الدعم المقدم الى مدينة القدس، لتمكين أهله المرابطين، لا سيما أنه يشكل نافذة مشتركة أمام دولنا، ومؤسساتنا، وشعوبنا، للمساهمة في الحفاظ على هوية القدس العربية، وتثبيت الوجود الفلسطيني فيها، ويحول دون استكمال المخططات الاسرائيلية الرامية لتهويدها.